بسم الله الرحمن الرحيم
الوجه الآخر للأزمة اللبنانية
يبدو أن لبنان يلح علينا مرة أخرى بضرورة إعادة قراءة الأوضاع السائدة والمهيمنة في أوطاننا وفقاً لحقائق سياسية قائمة على خريطة جغرافية، واستناداً لمعطيات تاريخية، الأزمة الأخيرة المرتبطة بالحكم يمكن قراءتها من عدة جوانب، البعض أدرجها ضمن سياق إعادة الهيكلة السياسية للمنطقة، بينما رأى فيها آخرون تداخلاً وتضارباً لقوى محلية، إقليمية ودولية وهكذا، لكن أياً كانت خلفيات الأزمة الراهنة، وحسابات الأطراف المنخرطة، يبقى أن لبنان - بمختلف قواه - يحتاج - بإلحاح - إلى محاورة ذاته ومصارحتها:
هل مشكلة لبنان سوريا؟ وهل تحل الأزمة بالتمديد للعماد لحود، والتجديد لرئيس الحكومة الحريري؟
المعطيات المتوفرة تفيد بأن الكفة تميل إلى اعتماد صيغة "التوافق الجزئي"، وإبقاء الوضع على ما هو عليه، إلى متى؟ وإلى أي مدى سيصمد هذا المخرج الظرفي؟
لا ندري.
لماذا لا نعترف بالقوى المحلية الرافضة للوجود السوري؟ لماذا ندس رؤوسنا في التراب، ونحاول التغطية على الحقائق القائمة، ولا نواجه الأوضاع كما هي لا كما نريد أن نراها أو كما نسوق لها؟
لماذا لا نحرك القضايا بأيدينا، ونشرحها بأدواتنا؛ إلا بعد أن تتحرك خارج أوطاننا؟ هل نعيب على فرنسا وأمريكا أنهما عرضا على مجلس الأمن مشروع إنهاء الوجود السوري للبنان استناداً لاتفاقية الطائف في العام 1989، رغم أن بعض المصادر المطلعة تفيد بأن رئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري هو الذي أوعز إلى صديقه شيراك - الذي لا يخفي تعاطفه مع القوى الليبرالية والنصرانية المتحفظة على التدخل السوري في لبنان، وإظهار تأييده للحريري - بتقديم اقتراح مشترك مع واشنطن إلى مجلس الأمن بشأن التدخل السوري في لبنان؟
ليس عيباً أن تتدافع القوى السياسية المشكلة للساحة في لبنان بين مؤيد للوجود السوري، ورافض له، ووسط بين الطرفين حيث تؤكد على السيادة الوطنية في إطار علاقة قومية إستراتيجية مع سورية، فلكل حساباته ورهاناته، وإنما الإشكال في أن نعتمد ونتعمد تأجيل ملفاتنا العالقة والشائكة؟
لماذا نؤسس وضعنا على مسلمات نضفي عليها مسحة من القداسة بينما هي في الواقع ليست كذلك؟
نعم إن سوريا طرف فاعل في المعادلة اللبنانية على الصعيد الإقليمي، بل هي أبرز المؤثرين، وأكثرهم فعالية، ونفوذها يمتد عمودياً وأفقياً، غير أن حضورها غلبت عليه الحسابات الأمنية، ويغلب على سياساتها الاعتبارات الطائفية، ولم تسلم من التورط في حالة الفساد، ولا كان لها دور إصلاحي يذكر في إعادة بناء لبنان، ومع سوريا هناك أطراف أخرى حاضرة وإن بدرجة أقل وفي مقدمتها فرنسا، والكيان الإسرائيلي، والولايات المتحدة.
مشكلة لبنان أنه لم يحاور نفسه، ولا يعرف ماذا يريد، هذا الوطن الذي تآكل بفعل الحرب الأهلية والصراعات الطائفية يحتاج اليوم لأن يلتقط أنفاسه في زحمة اشتداد وطأة الضغوط المحلية والإقليمية والدولية، ويحدد الخيارات المتاحة أمامه، ويفتح ملفاته العالقة بصراحة، ومكاشفة، وجرأة.
واخيراً أرجوا ان الموضوع ينال اعجبكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة